ابتسام الوسلاتي، الهامشية في الأدب التونسي: تجربة جماعة تحت السور، دار الجنوب، "دراسات، 363 صفحة، جانفي 2019، تونس، الثمن:19 د.ت، ISBN: 2000000045023

 

1- التهميش بصيغة الجمع

لا يزال الأدب التونسي الحديث والمعاصر يشكو حضورا محتشما في مدوّنة البحث الأكاديمي. لذلك يتوجّب علينا أن نحتفي بالإصدارات الجديدة في هذا الحقل الحيوي احتفاء نقديا بهيجا وأن نعتبر، على سبيل المثال لا الحصر، نشر دار الجنوب في جانفي الماضي لأطروحة ابتسام الوسلاتي، الهامشية في الأدب التونسي: تجربة جماعة تحت السور إنجازا مهماّ في حدّ ذاته يتنزل منزلة الحدث، بصرف النظر عن قيمتها الفكرية التي باتت الآن موكولة للنّقاش العام. ولا تراني شخصيا أتحرّج من الإشهار جهارا للكتاب و من حثّ المهتميّن بالشأن الثقافي التونسي على اقتنائه.

 

فإنّ هذا الإصدار، وإن لم يكن المبحث الجامعي الأول في الإبداع التونسي، فإنّه سيسهم في تعديل بوصلة بحثية طال اختلالها.  إذ لا وجه للمقارنة، في كلّ الأحوال وبكلّ المقاييس، بين تلك الحظوة الأكاديمية التي ينالها، تدريسا وبحثا وتخصّصا، الأدب العربي المشرقي وبين نصيب الأدب التونسي منها. وقد شكّلت الرّسائل الجامعية حول أعمال الشابي والمسعدي وخريّف، لسنوات طويلة، الاستثناء الذي يؤكّد القاعدة ويشهد شهادة عينية على انخرام الموازين. فإذا أردنا فعلا أن نقف على حجم الفوارق، علينا أن نطرح جانبا المختارات في الشعر والرّواية التونسييْن التي أنجزها جامعيون لأنّها لا تعدّ، على أهمّية قيمتها التوثيقية، فعلا بحثيا صلب المدوّنة وألاّ نأخذ كذلك بعين الاعتبار الرّسائل والمداخلات الجامعية التي حبّرها أصحابها لاجتياز امتحان أو للحصول على شهادة علمية دون أن ترتقي الأعمال إلى مستوى الآمال أو أن تُشِعّ خارج جدران الحرم الجامعي. من منّا لا يدين، بالأمس واليوم، لكتّاب العربية المشرقيين بقسط وفير من تكوينه الثقافي الذاتي؟ ومن منّا ينكر فضل نجيب محفوظ وحنّا مينا وسعدي يوسف ومحمود درويش على الثقافة التونسية الرّاهنة برمّتها؟ لقد أسهموا ولا يزالون يسهمون في تكوين الذائقة الأدبية لدى الأجيال المتعاقبة في ربوعنا. فهم منّا وإلينا لغة وانتماء ومهجة. إنّها، في واقع الأمر، معضلة تونسية-تونسية خالصة لا ناقة لهؤلاء المبدعين العرب فيها ولا جمل. لا يتّسع المقام للخوض في أسبابها بيد أنّه، بعدما فرغت من كتاب الوسلاتي حول هامشية جماعة تحت السور، انتابني شعور غريب وكأنّي بلعنة الأسوار وما تعنيه من إقصاء ما انفكّت تلاحق كتّابنا إلى اليوم فهم ينشطون ويعيشون دائما "تحت " الأسوار وخارجها، أبَدًا داخلَها، وإن تبدّلت الفضاءاتُ الممنوعةُ واختلفت مشاغلُ حرّاسِها.

2- هامشية الجماعة: وحدة الرؤية وتنوّع الإبداع

لا تتطلّع ابتسام الوسلاتي في كتابها إلى استكشاف جوانب جديدة من ظاهرة "جماعة تحت السّور" بقدر ما تسعى إلى إعادة تركيبها تركيبا شاملا يمكّن من سدّ الثغرات وتصويب بعض الهنات التي علَقت بأعمال نقدية سابقة. فقد رصدت الوسلاتي ثلاثة أصناف من الدّراسات تتصدّرها تلك التي سلّطت الضوء على جوانب تاريخية وأدبية لشخصية بعينها، مثل أعمال توفيق بكار وعز الدين المدني حول الدوعاجي. فجزّأ تركيز الدارسين على الأفراد المشهدَ وغيّب، بالضرورة، شخصيات أخرى ربّما كانت أقل شهرة أدبية من الدوعاجي وكرباكة والعريبي، ولكنّها أسهمت في نسج شبكة العلاقات بين أفرادها وفي تعميق التجربة الهامشية وتأصيلها كتجربة وجودية وفكرية جامعة. فقد كان صالح الخميسي، فضلا عن أغانيه المعروفة، يتمتّع بحضور ذاتي وفكري متميّز بينهم. لقد طربوا لألحانه وتأثروا بمزاجه المرح وجعلوا من دكّانه في المدينة العتيقة مرفأً ليليا لقعداتهم. اتجه الصنف الثاني من الدّراسات إلى التركيز على المشترك بين الجماعة "دون تفصيل الحديث في الملامح الفردية لكلّ تجربة من ذلك ما كتبه رشيد الذّوادي والهادي العبيدي". فيما أرّخ آخرون للحركة عبر شهادات شخصية ومقالات صحفية كانت انطباعية في مجملها وشابَتها نزعات مدحية أو تحقيرية إزاء بعض أفرادها.

رغم وفرة الشهادات والتحقيقات البيوغرافية حول رموزها الأساسيين، فإنّ جماعة "تحت السور" كانت في حاجة ماسّة إلى تناول أكاديمي ينزّلها في فضاءيها العام والخاص ويجسّر بمنهجية وبمفاهيم واضحة بين المسيرة الفردية لمبدعيها، من جهة، وبين تعبيراتهم المختلفة والمترابطة في الحين نفسه، من جهة ثانية. قد بادرت الوسلاتي في كتابها إلى نقد بعض القراءات السّائدة لا سيما تلك التي جعلت في ستّينات القرن الماضي من مقهى تحت السوّر" أشبه ما يكون بالمدرسة أو الجامعة ممّا دفع الكثيرين إلى الانتساب إليها ونيل شرف عضوية هذه الجماعة". وقد حال متطفّلون كُثر دون جرد دقيق لقائمة أعضائها الحقيقيين بينما شكّلت تلك التجربة، طيلة عقدي الثلاثينات والأربعينات، "استجابة خاصّة من مجموعة خاصّة لمتطلّبات وظروف خاصّة".

فما هو جديد هذا الكتاب حول تلك الخصوصيات؟ وما هو حيّز الإضافة النقدية فيه؟

في واقع الأمر، لم يأت الأثر بما لم تزوّدنا به الدّراسات السّابقة في هذا المجال. وما أظنّ أن جديدَه يتمثّل أساسا في المجهود الذي بذلته الوسلاتي لسدّ فجوات كانت قد اعترت، هنا وهناك، جوانب من سردية الحركة. وهو مجهود، على أهمّيته، لا يعدو أن يكون تدقيقا بحثيا أو استكمالا لمعلومات فرعية حول المشاهد الثلاثة: القصّة والأغنية والمسرح. لقد حاز المشهد الأدبي، كما هو متوقّع، الاهتمام الأكبر في الكتاب لأنّه كان بمثابة قطب الرّحى الذي تدور حوله مشاغل الجماعة من موسيقى ومسرح ورسم وصحافة هزلية، وكان الرّباعي -على الدوعاجي، عبد الرزّاق كرباكة، محمّد العريبي وبيرم التونسي-يمثل نواتها الصلبة بإنتاجه الأدبي وحضوره في الساحة الثقافية.

تُعَدّ هذه المعلومات والوقائع، كما أسلفتُ، ضمن مُحَصِّلة المعلوم المشترك. بيد أنّ هذه الرّسالة الأكاديمية تستمدّ مشروعيتها البحثية وطرافتها من مقاربتها لجماعة تحت السور كظاهرة مركّبة تتجلّى عبر التفاعل الجدلي بين فعلين متزامنين ومتلازمين: التهميش كفعل قسري مارسه المجتمع المحافظ في الثلاثينات ضدّهم فرديا وضدّ كل من يمتهن الفنون بشكل عام. لقد كابد جلّهم إقصاء متعدّد الأبعاد يمتزج فيه العائلي بالأخلاقي والثقافي. يبدو هؤلاء، من هذه الزاوية، وكأنّهم لا يختلفون كثيرا عن سائر الهامشيين في المجتمع التونسي. أمّا الفعل الثاني، وهو الفعل الرّئيسي والمُحَدِّدُ في هذا الصّراع، فيتمثّل في أنّ الملقّبين ب"جماعة تحت السّور" اعتمدوا الهامشية كاختيار واع تعبيرا عن رفضهم للمنظومة القيمية السائدة وعملوا، ذاتيا وجماعيا، على تأسيس بديل ثقافي شامل لها. " فلم تقتصر ثورتهم على التمرّد على النظم والمعايير التي سنّها المجتمع وذلك من خلال ممارسة المحرّمات وتعاطي المخدّرات والاقبال على الملذّات والمتع الحسّية بحثا عن الخلاص، بل إنّهم اتّخذوا من هذا الأسلوب في الحياة دافعا لخلق رؤية جديدة تجسّدت في القصّة والشعر والغناء والمسرح والصحافة والرّسم"(ص.69).

سعيا إلى تفكيك هذه الرؤية المخصوصة وتوضيح ملابساتها في الثلاثينات والأربعينات، اقترحت الوسلاتي في الفصل الأوّل من مبحثها عدّة تحديدات "للهامشية" كمفهوم تاريخي شامل في الثقافتين العربية والغربية. كما حرصت على تقديمها بصياغات مختلفة تبعا لتعدّد الزوايا.  لم يكن هذا المدخل النظري من مستلزمات المبحث الأكاديمي فحسب وإنما استوجبته أيضا التركيبة الدّاخلية لجماعة تحت السّور، فهي لا تتوفّر، بالمقياس العلمي، على مقوّمات الرّابطة القلمية أو الحركة كما أنّها تختلف، في بنيتها، عن منظومة الجمعية الثقافية. ورغم بروز بعض الفاعلين فيها بروزا ملحوظا إلاّ أنّها لم تتشكّل حول شخصية بعينها. فكان ضروريا على الوسلاتي أن توسّع أفق بحثها   لتخليص مفهوم الهامشية ممّا علق به من تمثل سلبي، لغة وتصوّرا، ومن مسلّمات اجتماعية كانت مستفحلة في الذهنية التونسية. وقد فاقمت في سلبيتها، آنذاك، أساليبُ التبخيس التي اعتمدتها المؤسسة الاستعمارية إزاء الثقافة التونسية. توفّقت الباحثة إلى حدّ كبير في استجلاء الترابط العضوي بين حياتهم اليومية ومشاغلهم الفنّية والفكرية. فالرؤية الفنية لدى عبد الرزّاق كرباكة ومحمّد العريبي وعلى الدّوعاجي وصالح الخميسي كانت دائما مسنودة بممارسة حياتية لعبت "الشيخات" و"القعدات الليلية الهازلة بمقاهي" خالي علي" و"الدّربوزة" دورا مهمّا في تمتين اللحمة بينهم جميعا. فتلك هي الخصيصة الأولى التي وسمت الجماعة طيلة عشريتين حيث تطرّقت بتعبيراتها الفنّية المتعدّدة إلى السياسة والأخلاق العامة والخاصّة.

لكنّ هذه الرؤية الجامعة عند "فنّانيّ الغلْبة" ما كان لها أن تحافظ على ديناميتها لفترة طويلة لو لم تتخذ أشكالا وصِيَغا تختلف من مشهد إلى آخر. لذلك أفردت ابتسام الوسلاتي كلَّ نمط في الكتابة (صحافة، مسرح، قصّة وشعر) بفصل من رسالتها لعلّ الذي خصّصته للموسيقى تحت عنوان" التمرّد على السائد" يعدّ من أطرف فصولها، حيث ركّزت الباحثة اهتمامها على ملامح الثورة في المشهد الغنائي.

إنّ أغلب التونسيين ما انفكوا، جيلا بعد جيل، يطربون لأغاني الهادي الجويني والصادق ثريا وشافية رشدي وفتحية خيري طربا شديدا وتبعث في نفوسهم كلماتُ محمد العريبي الدّارجة الأنيقة والألحانُ البهيجة الضاحكة لصالح الخميسي وحسين الجزيري غبطة كبيرة. فهم لا يملّون سماعها كمن يتكشّف فيها عن ذاته التونسية الميّالة "للزّهْوِ". لا يزال هذا الينبوع الموسيقي المتفرّد يُجلّي عنّا، حدّ الساعة، "كُبِّي" الأيام الرتيبة وضنك الأزمنة العصيبة. لكن في معاشرتنا شبه اليومية لتلك الأغاني تكوّنت بيننا وبينها أُلفة قد تنسينا أصلَها وفصلَها داخل الثقافة التونسية. من مزايا هذا العمل الأكاديمي استقصاؤه للأخبار الفنية والمقالات الصحفية التي صاحبت ولادة تلك الأغاني استقصاء أكاديميا دقيقا، إذ ينزّل هذه المدوّنة الغنائية في صلب مشروع جماعة تحت السور الذي كان يهدف، موسيقيا، إلى تخليص الأغنية التونسية من الفن الهابط ومن هيمنة الغناء الشرقي. لا تكتفي الوسلاتي بالتذكير بما نعلمه في هذا المجال بل تؤلّف أيضا بين أحداث أخرى كانت منثورة في الكتب والصحف والشهادات لتعيد نسج شبكة الروابط بين المغنّين والملحّنين والأدباء فتضفي على علاقتنا بجماعة تحت السّور شيئا من الجدّة وعلى استقرائها للوثائق كثير من الجدّية.

3-التعميم وخطر الاختزال:

تحرص الوسلاتي في كتابها على دراسة تجلّيات الهامشية في كل نمط فنّي على حِدة مذكّرة بالأهداف العامّة للجماعة وهي الثورة على القيم المجتمعية والفكرية السائدة من جهة، والنهوض بكل الفنون والعمل على توْنَسَتِها كشكل من أشكال المقاومة الفكرية لأساليب التهميش والاتلاف التي توخّاها المستعمر الفرنسي إزاء الهويّة التونسية، من جهة أخرى. بيد أنّ هذا الخطاب التفسيري، لأنّه يتكرّر في كل فصول الكتاب بصيغ وتعابير متشابهة، يفقد نضارتَه ليصبح تبريرا رتيبا ومُنمَّطا لا يفي علاقة هؤلاء المبدعين بثقافة المستعر الفرنسي حاجتَها من التحليل والتنسيب. لقد ساقت ابتسام الوسلاتي أقوالا وشهادات للدّوعاجي وخريّف والعبيدي يشرحون فيها البعد الوطني والنضالي لحركتهم الفكرية والفنية. إنّه بعد أساسي لا مِراء فيه. كما أنّ الدّور البغيض الذي لعبته المؤسّسة الاستعمارية لتحقير الثقافة التونسية بات حقيقة تاريخية ثابتة لا تستحق منّا المزيد من التدليل على فضاعتها. لكنّ التذكير بنضالية الدّوعاجي ورفاق دربه في كل مفاصل الكتاب قد يحنّط إبداعاتهم ويفسد علينا، نحن معشر القرّاء، متعة سخرية أغلبهم من الأمور "الجدّية جدّا" ومن أنفسهم أيضا. فقد كانوا إلى حبّ الحياة أميلَ وكانت نظرتهم السّاخرة من الدّنيا أرحبَ وأعمَّ.

إنّ المسافة الزمنية والنقدية التي تفصلنا اليوم عن وجهات نظر الفاعلين آنذاك وتمثّلُنا الرّاهنُ لمفهوم "التفاعل الثقافي" في زمن الحروب والاستعمار يستوجبان من الباحث، لا سيما من الأكاديمي، تنسيبَ الصراع بين الثقافتين لأنّ العلاقة بينهما لم تكن مقصورة على أوجه التصادم وإن كانت هذه الأخيرة تشكّل المظهرَ الطاغي على المشهد زمن الحماية الفرنسية.  وكثيرا ما نغفل، في مقارباتنا لهذا التفاعل الإشكالي مع الأجنبي الغازي، ما خفي في علاقة النخب التونسية آنذاك بالمستعمِر من مظاهر التقبّل والتكيّف والاستبطان.

إنّ تمثل "فنّان الغلبة" لدوره كمثقّف نيّر وواع بقيمة الإبداع من حيث هو خروج عن المألوف وانزياح عن الموروث إنّما هو، في جانب كبير منه، استبطان وتطويع لدور وافد علينا من الثقافة الغربية عامّة والفرنسية تحديدا. فالهامشية، كما عاشها العريبي والخميسي والدّوعاجي، لا تعدو أن تكون ظاهرة مستحدثة وحداثية. لقد كان صراعهم الثقافي والاجتماعي ثلاثيَّ الأبعاد: فبقدر ما كانوا يذودون عن مقوّمات الشخصية التونسية ضد سياسة التغريب التي انتهجتها الحماية، كانوا يناهضون، داخل الفضاء الثقافي التونسي، المنظومة التقليدية السّائدة. بيد أنّه، في كلتا المعركتين، كان أغلبهم ينهل قيمَ عصره من الرّصيد النيّر في الثقافة الفرنسية عبر عملية تثاقفية معقّدة لا يصحّ لنا أن نختزلها في ثنائية النّزاع المُعلَن والبيّن والصاخب بين المستَعمِر والمستعمَر.

 

لقد بيّنت الأستاذة ابتسام الوسلاتي في كتابها عمق التحوّلات التي أحدثتها جماعة تحت السّورفي الثقافة والمجتمع التونسييْن. بالأمس، كانوا هامشيين ينشطون من وراء الأسوار وباتوا، اليوم، يتبوؤون مقاما رفيعا في وجداننا العام. كما أضحت مدوّنة أعمالهم المتنَ الرئيسَ في   الفكر التونسي المعاصر. لكنّ الوسلاتي ركّزت كل اهتمامها على «الموهبة" الإبداعية الذّاتية عند الجماعة وعلى وحدة مشروعها الوطني حتّى بدت لنا هامشية مبدعيها، في الكتاب، وكأنها ظاهرة محلّية خالصة ومخصوصة جدّا أو هي سليلة الظرف التونسي دون سواه في حين أنّ أغلبهم تأثروا أيّما تأثّر، فكرا وسلوكا، بحركات هامشية فرنسية وغربيّة كانت نشيطة في فترة ما بين الحربين وقبلها. وقد استلهموا منها أساليب عديدة لمناهضة الثقافة المركزية في تونس بوجهيها التقليدي والاستعماري.