لا يخلو سلوكنا اليومي من مفارقات عجيبة. وهي عبارة عن تناقضات صارخة وسمت الشخصية التونسية وتحوّلت بفعل التعوّد إلى ضرب من السكيزوفرينيا الجماعية التي لا نستطيع  إنكارها لأنّها تصدر عنّا جهارا و تكرارا كما لا يمكن لنا تبريرها تحت أيّة ذريعة  وذلك لخروجها البيّن  عن السّلوك المتمدّن. في علاقتنا بالشأن العام مثلا، نحن نشجب، على مستوى الخطاب، الأفعالَ التي تُضِرُّ بالعيش المشترك  شجبا شديدا وباتّا. ولكن سرعان ما نأتي بمثلها ،بل وبأشنع منها في الحياة اليومية وكأنّنا نعيش حالة من الوعي المزيّف. على كل، من الأكيد أنّك  لن تجد ، عزيزي القارىء،على وجه البسيطة إنسانا أكثر من التّونسي إشادة  بالسلوك المدني كلّما حدّثك عن المواطنة وأطنب في تعداد مستلزماتها مطالبا "الحاكم" بتسليط أشدّ العقوبات على منتهكي القانون.  فيما لا يتورّع هذا "المواطن الصّالح"، حالما يستفرد بالمِلْك العام، عن استباحته وإتلافه بكل راحة ضمير. "نحن هكذا"  ولكن لماذا؟

إن تفسير هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية بتفشّي "النفاق الاجتماعي" يبدو لي، على وجاهته النسبية، تفسيرا أخلاقويا-دينيا  لا ينفذ إلى مكامن الدّاء. شعوري أنّ  جلدَ الذّات لن يزيدَها إلاّ تقرّحا. بل يقيني أنّ في تركيبتنا الذهنية  تكمن مناطق ظل كثيفة لم تَطلْها بعْدُ عدسة البحث الكاشفة. ما  جدوى عناء البحث في سلوكيات لا تقبل التغيير ؟ يتساءل  اليائسون من الحالة التونسية والمسلّمون بتلك المقولات والأمثال: "لا ينفع العقّار فيما أفسده الدّهر" و"على كلّ يُستطاع إلاّ نقلُ الطّباع" و"كفُّ العقارب عن لسعها  تكليفُ ما ليس في وسعها"، إلخ.. صحيح أنّ  الكشف عن بعض العلل الباطنية  قد لا يمثل، في حدّ ذاته، ضمانة للتعافي منها غير أنّه  يسهم، على أقلّه، في إلمامنا بما نحن فيه إلماما عقلانيا ويخفّف، بالتّالي،من حدّة علاقتنا السلبية والمتشنّجة  بذاتنا التونسية الجامعة.

في الواقع، إنّ فتح ورشة فكرية حول مطبّات الذهنية التونسية يتطلّب تضافرا بحثيا بين المتفلسفين والمؤرّخين وعلماء الاجتماع والنفس والأدباء وغيرهم. إنّه يستوجب على المستوى الشخصي زادا معرفيا مُتعدِّدَ الرّوافد لا أدّعيه. لذلك، سأكتفي في هذه السطور بإبداء بعض الملاحظات العامة حول معضلة تونسية أخرى شبيهة بالمعضلة الأولى وهي لا تقل خطورة عنها ولكنّها تبدو لي أكثر قربا من اهتماماتي الثقافية المباشرة.

"العمل بالسّاعد"\\ "العمل بالفكر"

لست في حاجة إلى التذكير بأنّ المجتمع التونسي لا يولي عناية كبيرة بالعمل الفكري. ولا أعني ب"العمل الفكري" الآثار الإبداعية فحسب بل أيضا وبالخصوص مدوّنة المحاولات الفكرية التي تتجاوز توصيف الواقع التونسي لتصوغ المشاريع الحضارية  وتستولد المفاهيم  النظرية وتبتكر البدائل المجتمعية.

لا تزال  النخبة الفكرية حدّ الساعة تشتكي من لامبالاة عموم المواطنين إزاء منجَزِها  تماما كما كان يتذمّر منها، وبنفس العبارات تقريبا، أبو القاسم الشابّي في ثلاثينات القرن الماضي. في رسائله إلى صديقيه محمد الحليوي ومحمد البشروش، كان الشاعر ينتقد بشدّة هذه السلبية وكثيرا ما تبادل ثلاثتهم  عبارة"تونس المسكينة" ليفصحوا عن خيبة أملهم  لما لحقهم، كرواد للقلم والرأي،  من إهمال مجتمعي سواء كان ذلك عن وعي أو من دونه.

لا شكّ أنّ الذهنية التونسية الموغلة في البراقماتية على مرّ التاريخ كانت ولا تزل ضالعة، بصورة أو بأخرى،  في هذا التفاوت المُجحف بين قيمتيْ العمل بالسّاعد والعمل بالفكر. فالتونسيون يعيرون  الفعل المادّي النفعي ذا المردود المباشر أهمّية قصوى ويعوّلون كثيرا على قدراتهم الفردية   لتدبير أمورهم الحياتية ( (le sens de la débrouille حتّى أنّهم جعلوا من هذه الشطارة التونسية منهجا في الحياة و معيارا في التفكير والتعامل مع الغير. إن المتأمّل في خصائص التدبّر على الطريقة التونسية يتبيّن  أنّه سلوك مركّب يقوم على مُحفِّزيْن أساسييْن:  يتمثّل الأوّل في قدرة التونسي الحقيقية على التأقلم مع الأحداث والأوضاع واعتماده في ذلك على فطنته. وكم يتباهى التونسيون بطبعهم المَرِن  والمُهادن معتقدين اعتقادا راسخا أنّه ميزة تونسية أو بالأحرى " ماركة" مخصوصة لا تتوفّر عليها  باقي الشعوب المغاربية ! بيد أنّهم عندما يفاخرون بما يعتبرونه "ذكاء" تونسيا  صرفا فإنّما يسعون في واقع الأمر إلى حجب الوازع الثاني الذي يكيّف سلوكهم ويطبع أعمالهم  حيث أكسبهم "تَدَبُّرِ الأمور" قدرة هائلة على التذاكي والتّحايل والفهْلَوة. إنّه الوجه الآخر من المرآة الذي يقرُّون به سرّا ويتحاشون الاعتراف به جهرا ولكنّهم يفعّلونه، في أغلب الأحوال، بحثا عن أيسر السبل وأقلّها كلفة لقضاء شؤونهم. وكثيرا ما تكون هذه السّبل غير مشروعة.

إنّ  في تعويل التونسيين على تَدَبُّرهم البراقماتي  مزايا جمّة لأنّه يُبقيهم على صلة وثيقة بالواقع ويجعلهم ،بالتالي، أقلّ انجذابا إلى الخطاب الطوبوي بكل أشكاله وأقلّ تقبّلا للنظريات الإيديولوجية الجاهزة. فعلا، وكما يُقال، نحن شعب رغيفي ( (khobziste، نعيش في بلد  محدود الموارد  ولا زلنا نحمل في ذاكرتنا الجمعية عبء المجاعات القديمة.  فمن البديهي أنّ نفكّر في الرّغيف قبل التثقيف وأن نسعى إلى سدّ الأرماق قبل فتح الأفاق. بيد أنّ استئناسنا المفرط بحصيلة التجارب الحياتية) ( le savoir-faire acquis غلّبَ تحصيلَ المنفعة المادّية على تحصيل المعرفة الفكرية وأسهم في تهميش الإنتاج الفكري عموما ممّا أدّى إلى استنقاص دوره في بناء المشاريع المجتمعية الكبرى. وقد يفسِّرُ استبطانُ التونسي   لهذا التمثّل ضُعفَ شغفه بتدوين الأفكار وبتأليف الكتب وقلّة إقباله على القراءة.

في بعض الأحيان، يذهب بنا الانكفاء على الذّات بعيدا. حيث أنّ كثيرا من التونسيين، سواء كانوا من النخبة أو من عامّة الناس، يتوهمون أنّ مهارتهم الذاتية في  التدبّرla débrouillardise))  تغنيهم عن الاستعانة بآراء المفكّرين أو أنّهم على قدر كبير من الذّكاء (الفطري أو المكتسب) ما يوفّر عليهم عناء الإطّلاع على النظريات المدوّنة وعلى حصيلة التجارب الإنسانية الأخرى. وما الإقبال العريض في وسائل التواصل الاجتماعي على تنجيم المنجّمين والعرّافين لاستكشاف المستقبل الفردي والجماعي إلاّ دليل على ذلك الاعتقاد السّائد في المجتمع بأنّ خطابَ المُنَجِّم أصدقُ أنباءً من كتب الخبراء ومن دراسات أهل الذكر، ليس لأنّ هذا الجمهور لا يصدّق الفكر الاستشرافي  والعلمي وإنّما لأنّه يرتاح أكثر  لمقاربة الزمن والموت والحياة مقاربة غيبة وروحية . وتلك سمة من سمات المزاج الشعبي على وجه العموم.

لا يجب، في هذا المضمار، أن نقلّل من مسؤولية النخبة المثقّفة المعاصرة في تدنّي شؤون  الفكر وأهله في عيون  التونسيين. لأنّها نخبة أكاديمية بالأساس، فهي لا تزال  منذ سبعينات القرن الماضي تراكم  في إطار اختصاصاتها بحوثا علمية وخبرات تقنية  ولم تنتج، بالتالي، قيما جمعية جديدة كفيلة  بتحفيز المجتمع على تثمين المجهود الفكري والإبداعي. فليس من باب الصدفة أن  يكتظ  المشهد الثقافي التونسي اليوم بالمتعلّمين والمعلّمين والمنشّطين الثقافيين والخبراء الإعلاميين وحاملي الشهائد العليا العاطلين عن العمل فيما يفتقر افتقارا فادحا إلى فئة المثقّفين والمتفلسفين للعب دور الوسيط ولتجسير الهوّة بين تلك الكفاءات الأكاديمية  وغير الأكاديمية من جانب وعامّة الناس من جانب ثان. وقد شكّلت، في هذا المجال، أعمالُ وحدة البحث الحداثية في الحضارة الإسلامية بجامعة منّوبة مُنجَزا  استثنائيا يُحسَبُ ولا يقاسُ عليه للدّور الذي لعبه خطابها التنويري ضدّ الأصولية الدّينية طيلة العشرية الفارطة.

قد لا ترتقي بعض  ملاحظاتي حول ضعف قناعة التونسيين بجدوى المرجعيات الفكرية  إلى منزلة الأدلّة القاطعة وقد يتطلّب بعضها الآخر أكثر تدقيقا في المعاني وتجويدا للمباني. لكن من المؤكّد أن هذه الإشكالية الفكرية لا تزال قائمة بل إنّها استفحلت وباتت تبعاتها اليوم كارثية.  فكيف طبعت هذه الهشاشة الفكرية إدارة الشأن العام  في السنوات الأخيرة؟

ثورة  من دون رصيد:

خلافا  لما راج طويلا في المنابر الإعلامية حول التحام النخب الفكرية والسّياسية بال"جماهير الشعبية" في 2011 ، نتبيّن اليوم أنّ ذلك التمرّد المدني كان، في الواقع، أبلغ شاهد على القطيعة المزمنة بين الجهتين. فإذا كانت الأزمة السياسية والاجتماعية السبب المباشر في اندلاع   تلك الأحداث فإنّها كانت تحمل  في طيّاتها أيضا شعورا  بالجفوة من المثقّفين. لذلك فوجئ الجميع ، ساسة ومفكّرين، وكأنّ الانتفاضة خرجت عليهم من تحت الأرض. وعندما اندلعت، كانت وتيرة أحداثها سريعة فمرّت مرور العجاج دون أن يتمكّنوا من  استجلاء كل أبعادها. لقد أدركنا اليوم أنّها ، رغم زخمها الكبير،لم تكن تتوفّر على أدنى مقومات الثورة  وكان غياب الرّصيد الفكري من أهمّ معوقاتها. قبقدر ما كان المنتفضون يحتجّون على غياب الشغل ، كانوا سياسيا وثقافيا أناسا عزّلا بأتمّ معنى الكلمة. وكانت فاقتهم الفكرية المزمنة لا تقلّ مأساوية عن عوزهم الاقتصادي والاجتماعي. لذلك جاءت حركتهم كتعبير صادق وأمين عن المفقود دون أن  تتوفّر على الوسائل الموضوعية لبناء المنشود(القيادة والمشروع). ولأنّ السّاحة الفكرية، مثلها مثل الطبيعة، تأبى الفراغ، فسرعان ما تحولت مجاميعٌ من الغاضبين واليائسين، بسبب ضعف مناعتهم الثقافية وهشاشة وضعهم الاجتماعي، إلى دواعش تكفّر الناس وتمتهن التقتيل وترتزق منه.

قد لا يُؤَاخذ شباب 2011 عندما علّق على الانتفاضة أمالا عريضة فحمّلها وزر الحدث الثوري وهبّ جل التونسيين آنذاك  للارتقاء بها إلى مراتب الثورة الشاملة رغم غياب منجز فكري  وقيمي متين يسند ظهرها ويحوّل  شعاراتها الاحتجاجية " شغل، حرّية، كرامة وطنية" إلى روافع قيمية كفيلة بأن تحمي وجهتها من محاولات الإجهاض أو الاحتواء.

لذلك يبدو لي أنّ مسؤولية النخب الحداثية، ساسة ومفكّرين، ، كانت  جسيمة في هذا المجال. بل إنّها ترتقي إلى درجة الخطيئة حيث انخرط الكثير منهم في خطاب الشّطارة التونسية وأوهموا الرأي العام في الدّاخل والخارج بأن ما وقع في تونس كان ثورة حقيقة.... وتهافت المتهافتون (وقد كنت منهم) في بداية العشرية الفارطة للتبشير بها وتوكّأوا على عكّاز "الاستثناء التونسي"أو "الخصوصية التونسية" للنّفخ في الانتفاضة وتحميلها ما لا طاقة لها على حمله. وأفتى المتفقّهون بأنّها قد راكمت  من النضالات الميدانية السابقة(سياسيا ونقابيا) ما يعوّض ضعف رصيدها الفكري وينزّلها منزلة الثورات الإنسانية الكبرى. كما أنّهم تجوّزوا القفز على تلك المفارقة الكبرى متسائلين: "لما لا تكون الثورة التونسية، خلافا لسابقاتها،  ثورةً من دون رصيد ثقافي معلوم؟. ما المانع من ذلك؟ وما ذنب الثورة التونسية إذا لم تكن لها أدبيات سابقة وقامات فكرية مُلهِمة مثل فولتير وروسّو وماركس وسارتر والطاهر الحدّاد وطه حسين ومرتان ليتر كينغ"’ إلخ..؟

انطلقوا يجولون في المنابر الإعلامية مؤكّدين على أن تلك الأحداث  إنّما هي  ثورة تونسية مُشبعة بالقيم الكونية، خفيفة الرّوح ،خالية من شوك الإديولوجيا، مفعمة بعطر الياسمين و منشغلة انشغالا كلّيا بقيم ما بعد الحداثة: "حقوق الإنسان والديمقراطية". لقد ارتكبوا، عمدا أو عن سوء تقدير، خطيئة أخلاقية في حق الرأي العام لا تقل جرما عن مغالطة من يتعامل في مجال المال بصكّ من دون رصيد لأنّهم أوهموا الجمهور العريض بامتلاكهم ما لا يملكون فعلا.  لا بدّ من الإشارة في هذا الصّدد أن الخواء الفكري والقيمي الذي وسم انتفاضة2011  قد  استأثر باهتمام العديد من الرّوائيين: حسّونة المصباحي وطارق الشيباني وحسين الواد  ونور الدّين العلوي . وكانت الثورة المزعومة، في أعمالهم، موضع مساءلة نقدية تتراوح بين الرفض الصّريح لحصيلتها المأسوية  وبين الشعور بالارتياب والتحفّظ إزاء شعاراتها و شخوصها وطقوسها.

ثم جاء حكم  الإخوان المسلمين ليكشف من جديد ، ولكن  من زاوية معاكسة،  عن مدى استهانة جانب من النخبة السياسية التونسية بالقضايا المرجعية. في طفرة الأحداث الكبيرة التي ميّزت 2011 توهّم الكثيرون  أنّ حركة الإخوان كانت قادرة على التخلّي عن مرجعيتها الأصولية في ظل حكم مدني ديمقراطي. وعادت جوقة الشّاطرين إلى العزف من جديد على وتر "الاستثناء التونسي": لما لا ينجح إسلاميو تونس فيما فشل فيه نظراؤهم في العالم العربي الإسلامي؟.... وشدّدوا على أنّ إخوان تونس ليسوا مثل بقية الإخوان بل إنّهم ليسوا إخوانا أصلا وأنّ لهم، كتونسيين، من "الذّكاء" والدّهاء ما يخفّف عليهم عبء مرجعيتهم العقائدية ويبقيهم على مسافة من أفكار حسن البنّا والسيد قطب والمودودي. ولكن سرعان ما انكشف زيف المراهنة على التّوْنَسَة وتغلّبت صولة المرجعية على وهم الاستثناء. في ظل حكمهم، لم تتكيّف حركتهم  بالمزاج التونسي وإنّما سعت جاهدة  إلى إعادة  أسْلَمَة المجتمع على طريقة الجماعة .

فهل كان قدرنا أن نترقّب طيلة عشرية كاملة وأن نقف على هول التخريب حتّى نسلّم أخيرا بقصور التكتيك التونسي في مجابهة الفكر الأصولي؟

على قدر أهل العزم تأتي العزائم// وتأتي على قدر الكرام المكارم

بالنظر إلى حصيلة الانتفاضة التونسية، تبدو لي  حكمة المتنبي في حاجة إلى مراجعة أكيدة لا سيّما أنّ الشّاعر كان في زمانه يُعوِّل بشكل مطلق على العزم وعلى شجاعة الشجعان  لحسم المعارك في ساحة الوغى. كان التونسيون في معركتهم السّياسية والاجتماعية، هم أيضا، على  قدر كبير من العزم والإقدام.  لكنّهم فشلوا فشلا  ذريعا في الظفر بأدنى مقوّمات الكرامة الوطنية ومُرِّغت أنوفهم في التراب. رغم الفوارق الكبيرة بين معاركنا ومعارك أبي الطّيّب، بين زمانه وزماننا، فإنّي أشعر برغبة ذاتية ملحّة لتعديل ما ورد في ذلك البيت الذّائع الصيت توكيدا مني، ولو رمزيا، على دور أهل الفكر وأصحاب "القرطاس والقلم" في نحت مصير الشعوب:

على قدر أهل الفكر تُبنى المفاخِرُ// وتأتي على أيدي اللّئام الفواجعُ

 

شعبان الحرباوي